حقوق الرجال والنساء في الميراث
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون, وللنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون, مما قل منه أو كثر, نصيبا مفروضا( النساء: الآية7)
قال الإمام القرطبي ما ملخصه نزلت هذه الآية في أوس بن ثابت الأنصاري, توفي وترك امرأة له يقال لها: أم كجة وثلاث بنات له منها.
فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه يقال لهما: سويد وعرفجة, فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغار وان كانوا ذكورا ويقولون: لا يعطي إلا من قاتل على ظهور الخيل, وطاعن بالرمح, وضارب بالسيف, وحاز الغنيمة.
فذهبت المرأة إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ وذكرت له ما حدث من سويد وعرفجة.
فدعاهما رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا, ولا يحمل كلا, ولا ينكأ عدوا؟!!
للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون, وللنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون, مما قل منه أو كثر, نصيبا مفروضا( النساء: الآية7)
قال الإمام القرطبي ما ملخصه نزلت هذه الآية في أوس بن ثابت الأنصاري, توفي وترك امرأة له يقال لها: أم كجة وثلاث بنات له منها.
فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه يقال لهما: سويد وعرفجة, فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغار وان كانوا ذكورا ويقولون: لا يعطي إلا من قاتل على ظهور الخيل, وطاعن بالرمح, وضارب بالسيف, وحاز الغنيمة.
فذهبت المرأة إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ وذكرت له ما حدث من سويد وعرفجة.
فدعاهما رسول الله صلي الله عليه وسلم ـ فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا, ولا يحمل كلا, ولا ينكأ عدوا؟!!
فقال لهما ـ صلى الله عليه وسلم ـ انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن, فأنزل الله تعالي ـ هذه الآية ـ والمراد بالرجال هنا: الذكور مطلقا سواء أكانوا كبارا آم صغارا, والمراد بالنساء كذلك الإناث سواء أكن صغارا أم كبارا.
أي للذكور نصيب مما تركه الوالدان و الأقربون من متاع, وللإناث كذلك نصيب مما تركه الوالدان و الأقربون, بدون تفرقة بين الجنسين بحيث يُعطى جنس وهو جنس الرجال, ويُحرَم جنس آخر وهو جنس النساء.
والمقصود من الآية الكريمة: التسوية بين الذكور والإناث في أن لكل منهما حقا فيما ترك الوالدان و الأقربون.
وهذا الحق قد بينه ـ سبحانه ـ بصورة مفصلة في آيات المواريث التي نزلت بعد ذلك ومنها قوله ـ تعاليىـ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين...
وقد أكد سبحانه ـ حق النساء في الميراث, بأن اختار هذا الأسلوب التفصيلي فقال:
للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون, وللنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون
مع أنه كان يكفي أن يقول: للرجال والنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون..
وذلك للإيذان بأصالتهن في استحقاق الإرث, وللإشعار بأنه حق مستقل عن حق الرجال, وان هذا الحق قد ثبت للنساء استقلالا بالقرابة كما ثبت للرجال, حتى لا يتوهم أحد أن حقهنّ تابع لحقهم, بأي نوع من أنواع التبعية.
ثم أكد سبحانه هذا الحق مرة أخرى بقوله'مما قل منه أو كثر.أي:
إن حق النساء ثابت فيما تركه المتوفى من مال, سواء أكان هذا المتروك قليلا أم كثيرا, لان الذكور والإناث يتساويان في أن لكل منهما حقا فيما تركه الوالدان و الأقربون من مال, حتى ولو كان هذا المال المتروك قليلا.
فقوله ـ تعالي ـ مما قل منه أو كثر عطف بيان على قوله: مما ترك الوالدان و الأقربون لقصد التعميم والتنصيص على أن حق النساء متعلق بكل جزء من المال المتروك.
ثم أكد ـ سبحانه ـ حق النساء في الميراث مرة ثالثة بقوله: نصيبا مفروضا
لأن قوله ـ تعالى ـ نصيبا منصوب على الاختصاص, والاختصاص يفيد التأكيد والعناية أي: أن لكل من الرجال والنساء نصيبا فيما تركه الوالدان و الأقربون, وهذا النصيب قد فرضه الله ـ تعالى ـ فلا سبيل إلي التهاون فيه, بل لابد من إعطائه لمن يستحق كاملا غير منقوص, لأن الله ـ تعالى ـ هو الذي شرعه, ومن خالف شرع الله, كان أهلا للعقوبة منه ـ سبحانه.
هذا, وقد استدل الأحناف بهذه الآية, على توريث ذوي الأرحام, لأن العمات والخالات وأولاد البنات ونحوِهِنّ من الأقربين, فوجب دخولهم تحت ما اشتملت عليه هذه الآية, وثبت كونهم مستحقين لأصل النصيب بهذه الآية, و أما المقدار فمستفاد من آيات أخـَر, فصّلت هذا النصيب, وبينت ما يستحقه كل وارث ؛ أما المخالفون للأحناف فيما ذهبوا إليه, فيرون أن المراد من الأقربين في الآية: الوالدان والأولاد ونحوهم, وحينئذ لا يدخل فيهم ذوو الأرحام.
وعلى رأي هؤلاء المخالفين يكون عطف الأقربين على الوالدين, من باب عطف العام على الخاص.
وبذلك نرى أن الآية الكريمة قد كرمت النساء تكريما عظيما, حيث بيّنت أن للنساء حقوقا معلومة في الميراث, كما أن للرجال كذلك حقوقا معلومة, و أبطلت ما كان شائعا في الجاهلية من أن المرأة لا نصيب لها فيما تركه المتوفى سواء أكان أبا أم غيره..
و أثبتت بصورة مؤكدة حقهنّ فيما تركه الوالدان و الأقربون, وحذرت كل من يخالف ذلك بعقاب شديد من الله ـ تعالى ـ
بل إن شريعة الإسلام قد جعلت هذا النصيب المعلوم من الميراث للنساء, خالصا لهنّ, يتصرفنَ فيه بالطريقة التي يرونها أصلح لهن, بدون إجبار من زوج أو أخ أو غيرهما على غير ذلك.