الثَّعْلَبُ وَالْقُنْفُذُ فِي ضَيْعَةِ الْبَطِّيخِ
فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، كَانَ الثَّعْلَبُ الْمَكَّارُ يَسِيرُ فِي الْحَقْلِ جَائِعًا، يَبْحَثُ عَنْ شَيْءٍ لِيَأْكُلَهُ. فَلَقِيَ صَدِيقَهُ الْقُنْفُذَ الصَّغِيرَ، وَقَالَ لَهُ:
ــ “مَا رَأْيُكَ أَنْ نَدْخُلَ ضَيْعَةَ الْبَطِّيخِ؟ قَدْ رَأَيْتُهَا مُمْتَلِئَةً بِالثِّمَارِ النَّاضِجَةِ!”
فَرَحَ الْقُنْفُذُ بِالْفِكْرَةِ، وَقَالَ:
ــ “نَعَمْ، هَيَّا نَذْهَبْ، فَإِنَّ بَطْنِي يُقَرْقِرُ مِنَ الْجُوعِ.”
دَخَلَ الثَّنَائِيُّ ضَيْعَةَ الْبَطِّيخِ مِنْ خِلَالِ فَتْحَةٍ صَغِيرَةٍ فِي السِّيَاجِ. وَمَا إِنْ دَخَلَا حَتَّى بَدَآ يَأْكُلَانِ وَيَأْكُلَانِ، حَتَّى امْتَلَأَتْ بُطُونُهُمَا!
قَالَ الْقُنْفُذُ وَهُوَ يَتَأَوَّهُ:
ــ “آهِ، لا أَسْتَطِيعُ الْحَرَكَةَ، لَكِنِّي سَأُحَاوِلُ الْخُرُوجَ.”
وَبِفَضْلِ صِغَرِ حَجْمِهِ، تَمَكَّنَ الْقُنْفُذُ مِنَ الزَّحْفِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الفَتْحَةِ. أَمَّا الثَّعْلَبُ، فَلَمْ يَسْتَطِعِ الْخُرُوجَ، فَقَدْ أَصْبَحَ بَطْنُهُ كَبِيرًا جِدًّا!
صَاحَ الثَّعْلَبُ:
ــ “صَدِيقِي الْقُنْفُذُ! لَا أَسْتَطِيعُ الْخُرُوجَ! سَاعِدْنِي، أَرْجُوكَ!”
فَكَّرَ الْقُنْفُذُ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ:
ــ “عِنْدِي خُطَّةٌ! تَظَاهَرْ بِأَنَّكَ مَيِّتٌ، وَعِنْدَمَا يَرَاكَ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ، سَيَرْمِيكَ إِلَى الْخَارِجِ!”
وَبِفِعْلِ الْخُطَّةِ، تَمَدَّدَ الثَّعْلَبُ عَلَى ظَهْرِهِ وَأَغْمَضَ عَيْنَيْهِ. وَلَمَّا جَاءَ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ وَرَآهُ، قَالَ:
ــ “مَا هَذَا؟ ثَعْلَبٌ مَيِّتٌ؟ يَا لَهُ مِنْ مَنْظَرٍ!”
فَأَمْسَكَ بِهِ، وَرَمَاهُ إِلَى خَارِجِ الضَّيْعَةِ.
قَفَزَ الثَّعْلَبُ فَرِحًا، وَشَكَرَ صَدِيقَهُ الْقُنْفُذَ.
ــ “شُكْرًا لَكَ، يَا صَدِيقِي الْوَفِيُّ! لَوْلَاكَ، لَبَقِيتُ مَحْبُوسًا فِي الدَّاخِلِ!”
ضَحِكَ الْقُنْفُذُ وَقَالَ:
ــ “لَا تَأْكُلْ أَكْثَرَ مِمَّا تَسْتَطِيعُ حَمْلَهُ، فَالشَّرَهُ لَا يُفِيدُ!”
وَعَادَا إِلَى الْغَابَةِ، وَهُمَا يَتَعَلَّمَانِ دَرْسًا جَدِيدًا فِي الْحَيَاةِ.
الدَّرْسُ الْمُسْتَفَادُ: القَنَاعَةُ كَنْزٌ لَا يَفْنَى، وَالإِفْرَاطُ فِي الطَّمَعِ قَدْ يَضُرُّك!
تَأْلِيفٌ: مُصْطَفَى دَحْمَانِي
@dahmani_mustafa