أُسَامَة الخَجَولُ
فِي مَدْرَسَةٍ صَغِيرَةٍ فِي أَطْرَافِ الْمَدِينَةِ، كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ يُدْعَى أُسَامَة.
كَانَ طَيِّبًا، هَادِئًا، يُحِبُّ الرَّسْمَ وَاللَّعِبَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ خَجُولًا جِدًّا.
لَا يَرْفَعُ يَدَهُ فِي القِسْمِ، وَلَا يُجِيبُ عَنِ الأَسْئِلَةِ، وَيَخْجَلُ حَتَّى إِذَا قَالَ لَهُ أَحَدٌ: “مَرْحَبًا!”
كَانَ أُسَامَةُ يُحِبُّ أَنْ يَتَعَلَّمَ، وَلَكِنَّهُ يَخَافُ مِنَ النَّظَرَاتِ وَالكَلَامِ.
فِي يَوْمٍ مَا…
فِي يَوْمٍ مَا، دَخَلَ المُعَلِّمُ إِلَى القِسْمِ وَقَالَ:
“مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُشَارِكَنِي فِي قِرَاءَةِ قِصَّةٍ جَدِيدَةٍ؟”
رَفَعَ أَصْدِقَاءُ أُسَامَةَ أَيْدِيَهُمْ، أَمَّا هُوَ فَظَلَّ يُخْفِي وَجْهَهُ.
رَآهُ المُعَلِّمُ وَقَالَ بِصَوْتٍ لَطِيفٍ:
“مَا رَأْيُكَ يَا أُسَامَة؟ أَنَا أَعْرِفُ أَنَّكَ تُجِيدُ القِرَاءَةَ.”
اِحْمَرَّ وَجْهُهُ، وَخَفَتَ صَوْتُهُ، وَلَكِنَّهُ هَزَّ رَأْسَهُ بِنَعَم.
خُطْوَةُ الشُّجَاعَةِ
تَقَدَّمَ أُسَامَةُ نَحْوَ السَّبُّورَةِ، وَفِي يَدِهِ الكِتَابُ.
قَرَأَ السُّطُورَ الأُولَى، ثُمَّ أَخَذَ يَقْرَأُ بِثِقَةٍ أَكْبَرَ.
وَعِنْدَمَا اِنْتَهَى، صَفَّقَ لَهُ الجَمِيعُ!
اِبْتَسَمَ أُسَامَةُ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ:
“لَمْ يَكُنِ الأَمْرُ مُخِيفًا… أَنَا أَسْتَطِيعُ!”
بُذُورُ النَّجَاحِ
مُنْذُ ذَلِكَ اليَوْمِ، بَدَأَ أُسَامَةُ يُشَارِكُ فِي الدَّرْسِ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ، وَيَقْرَأُ أَمَامَ زُمَلَائِهِ.
صَارَ يُنْجِزُ وَاجِبَاتِهِ بِاجْتِهَادٍ، وَيُسَاعِدُ أَصْدِقَاءَهُ.
وَبَعْدَ أَشْهُرٍ، أَصْبَحَ مِنْ أَفْضَلِ التَّلَامِيذِ فِي الفَصْلِ
الدَّرْسُ
تَعَلَّمَ أُسَامَةُ أَنَّ الخَجَلَ لَا يَجِبُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنَ التَّقَدُّمِ،
وَأَنَّ الثِّقَةَ بِالنَّفْسِ تُولَدُ بِخُطْوَةٍ صَغِيرَةٍ، تَكُونُ بَدَايَةَ نَجَاحٍ كَبِيرٍ!
(قِصَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ لِلأَطْفَالِ)
تَأْلِيفٌ: مُصْطَفَى دَحْمَانِي
@dahmani_mustafa

